الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49798 مشاهدة
الكلام على الاختلاف في الفروع

ص (وأما النسبة إلى إمام في الفروع كالطوائف الأربع فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة؛ نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسنة، ويجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات، برحمته وفضله آمين. وهذا آخر المعتقد، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما).


س 62 (أ) ما حكم الانتساب إلى الأئمة الأربعة (ب) وما الفروع. (ج) وما المراد بالطوائف الأربع. (د) وما سبب اختلافهم. (هـ) وكيف يكون اختلافهم رحمة. (و) وما معنى كون اتفاقهم حجة؟
ج 62 (أ) الأئمة هم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ويلحق بهم أمثالهم من أجلاء العلماء، كالأوزاعي والثوري والليث وإسحاق فيجوز اتباع مذاهبهم في الفروع، للعاجز عن معرفة الأدلة، أو عن الترجيح بينها، ومتى ظهر لأحد الدليل، ولم يجد ما يعارضه صريحا، وجب اتباعه، ولو خالفه الإمام المتبع، وحرم الإصرار على التقليد، والتعصب لخلاف الدليل.
(ب) والفروع هي أدلة الأعمال البدنية والمالية التي يخفي الدليل أو الراجح في بعضها أحيانا، كالقراءة خلف الإمام، والجهر بالبسملة، والعدد للجمعة، وزكاة الحلي، وعلة الربا، ونحوها. أما الأصول وهي العقائد فلا يجوز فيها التقليد لوضوح الأدلة.
(ب) والطوائف الأربع هي الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
(د) وسبب الاختلاف سعة الأدلة، وقصور الأفهام عن بعضها، فمنهم من لا يبلغه الدليل، أولا يصح عنده، أو يفهم منه غير المراد فيفتى باجتهاده، أو يلحق بعض المسائل بما يقاربها حيث لم يبلغه الدليل.
(هـ) ومعنى كون الاختلاف رحمة ومحمودا ما فيه من التوسعة، ونفي الحرج، حيث لم يكلف كل فرد بالعمل بما هو الصواب في نفس الأمر، وليس كثرة الاختلاف رحمة في نفسه، لما يقع بسببه من التعصب والمنافسة، ولكن وقوعه من باب العذر للعباد.
(و) وأما اتفاق الأئمة على حكم أو مسألة فهو حجة قاطعة، فإن الأمة معصومة أن تجتمع على خطأ؛ والإجماع هو الدليل الثالث من أصول الأدلة، يحتج به كما يحتج بالآيات والأحاديث، والغالب أن الإجماع لا بد له من دليل قطعي من الكتاب والسنة.
وهذا آخر ما يتعلق بهذه الأسئلة على لمعة الاعتقاد،
والله أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم..
في 15\ 1\ 1393 هـ .